فصل: قال الثعلبي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال الثعلبي:

{وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ}.
أهل دينه وسنته {لإِبْرَاهِيمَ إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} مُخلص من الشرك والشك، وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا ابن شنبه قال: حدّثنا الفربابي قال: حدّثنا محمد بن العلا قال: حدّثنا عصام بن علي عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: يا بنيّ لا تكونوا لعّانين أو لم يروا إلى إبراهيم لم يلعن شيئًا قط فقال الله سبحانه: {إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} {إِذْ قَالَ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا} مالذي {تَعْبُدُونَ أَإِفْكًا آلِهَةً دُونَ الله تُرِيدُونَ فَمَا ظَنُّكُم بِرَبِّ العالمين} إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره؟ {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النجوم} قال ابن عباس: كان قومه يتعاطون علم النجوم فعاملهم حيث كانوا؛ لئلاّ ينكروا عليه؛ وذلك أنه كان لهم من الغد عيد ومجمع، وكانوا يدخلون على أصنامهم ويقرّبون لهم القرابين ويصنعون بين أيديهم الطعام قبل خروجهم إلى عيدهم زعموا التبّرك عليه، فإذا انصرفوا من عيدهم أكلوه. قال مقاتل: وكانت الأصنام اثنين وسبعين صنمًا من خشب وحديد ورصاص وشبه وفضّة وذهب، وكان كبيرهنّ من ذهب في عينيه ياقوتتان، وقالوا لإبراهيم عليه السلام: لا تخرج غدًا معنا إلى عيدنا. فنظر إلى النجوم، {فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} قال ابن عباس: مطعون، وقال الحسن: مريض، وقال الضحاك: سأسقم؛ لقوله سبحانه {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ} [الزمر: 30].
وقيل: سقيم بما في عنقي من الموت، وقيل: سقيم بما أرى من أحوالكم القبيحة، وقيل: سقيم بعلة عرضت له، وإنّه إنما نظر في النجوم مستدلًا بها على وقت حمّى كانت تأتيه، والصحيح أنه لم يكن سقيمًا؛ لما رُوي عن النبي عليه السلام أنه قال: «لقد كذب إبراهيم ثلاث كذبات، ما منها واحدة إلاّ وهو بماحل وناصل بها عن دينه: قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} وقوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ} [الأنبياء: 63] وقوله لسارة: هذه أُختي».
{فَتَوَلَّوْاْ عَنْهُ مُدْبِرِينَ} إلى عيدهم، فدخل إبراهيم إلى الأصنام فكسرها ووضع الفأس على عاتق الصنم الكبير، وكانوا إذا رجعوا من عيدهم دخلوا على أصنامهم قبل أن يرجعوا إلى منازلهم، فدخلوا عليها فإذا هي مكسورة، فذلك قوله سبحانه: {فَرَاغَ} فمال {إلى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ} إظهارًا لضعفهم وعجزهم: {أَلا تَأْكُلُونَ مَا لَكُمْ لاَ تَنطِقُونَ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا باليمين} لأنها أقوى على العمل من الشمال، وهذا قول الربيع بن أنس قال: يعني يده اليمنى، وقيل: بالقسم الذي سبق منه، وذلك قوله: {وتالله لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} [الأنبياء: 57] وقال الفراء: بالقوة.
{فأقبلوا إِلَيْهِ} إلى إبراهيم {يَزِفُّونَ} أي يُسرعون عن الحسن.
مجاهد: يزفون زفيف النعام وهو حالٌ بين المشي والطيران. الضحاك: يسعون، وقرأ يحيى والأعمش وحمزة {يَزِفُّونَ} بضم الياء، وهما لغتان: فقال لهم إبراهيم على وجه الحِجاج: {أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ والله خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} وفي هذه الآية دليل على أنّ أفعال العباد مخلوقة لله سبحانه وتعالى حيث قال: {وَمَا تَعْمَلُونَ} على أنها مكتسبة للعباد حيث أثبت لهم عملًا، فأبطل مذهب القدرية والجبرية بهذه الآية، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله خالق كلّ صانع وصنعته».
{قَالُواْ ابنوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الجحيم} معطم النار. قال مقاتل: بنوا له حائطًا من الحجر طوله ثلاثون ذراعًا وعرضه عشرون ذراعًا وملؤوه من الحطب وأوقدوا فيه النار.
{فَأَرَادُواْ بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأسفلين} المقهورين.
{وَقَالَ} إبراهيم: {إِنِّي ذَاهِبٌ إلى رَبِّي} أي إلى مرضاة ربي، وهو المكان الذي أُمر بالذهاب إليه. نظيره قوله: {وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إلى ربي} [العنكبوت: 26]، وقيل: ذاهب إلى ربي بنفسي وعملي {سَيَهْدِينِ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصالحين} مختصر. أي رب هب لي ولدًا صالحًا من الصالحين.
{فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلاَمٍ حَلِيمٍ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السعي} ذلك الغلام، {قَالَ يَابُنَىَّ إِنِّى أَرَى في الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُكَ} الآية، واختلف السّلف من علماء المسلمين في الذي أُمر إبراهيم بذبحه من ابنيه بعد إجماع أهل الخاص على أنه كان إسحاق، فقال قوم: الذبيح إسحاق، وإليه ذهب من الصحابة عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود والعباس بن عبد المطلب، ومن الباقين وأتباعهم كعب الأحبار وسعيد بن جبير وقتادة ومسروق وعكرمة والقاسم بن أبي بزة وعطاء ومقاتل وعبد الرَّحْمن بن سابط والزبيري والسدّي.
وهي رواية عكرمة وابن جبير عن ابن عباس. أخبرني الحسن بن محمد بن عبد الله قال: حدّثنا طلحة بن محمّد، وعبيد الله بن أحمد قالا: حدّثنا أبو بكر بن مجاهد قال: حدّثنا أحمد ابن حرب قال: حدّثنا سنيد بن داوُد قال: حدّثني حجاج عن ليث بن سعد عن صفوان بن عمرو عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: هو إسحاق.
وأخبرني الحسن قال: حدّثنا عبيد الله بن أحمد بن يعقوب قال: حدّثنا رضوان بن أحمد الصيدلاني قال: حدّثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي قال: حدّثنا أبو معاوية عن حجاج عن القاسم بن نافع عن أبي الطُفيل، عن علي قال: «الذي أراد إبراهيم عليه السلام: ذبحه إسحاق».
وروى شبعة عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص قال: افتخر رجل عند ابن مسعود فقال: أنا فلان ابن فلان ابن الأشياح الكرام. فقال عبد الله: ذاك يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله عليه السلام.
وأخبرنا الحسين محمد قال: حدّثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدّثنا يوسف بن عبد الله قال: حدّثنا موسى بن إسماعيل قال: حدّثنا المبارك عن الحسن عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب قال: الذي فداه الله بذبح عظيم إسحاق.
وأخبرنا الحسين قال: حدّثنا ابن حبيش قال: حدّثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال: حدّثنا أبو عبد الله محمد بن بكار قال: حدّثنا خالد بن عبد الله الواسطي عن داوُد ابن أبي هند عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قال: الذي أراد إبراهيم ذبحه إسحاق عليهما السلام.
وأخبرنا الحسن قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان بن عبد الله قال: حدّثنا يوسف بن عبد الله قال: حدّثنا موسى بن إسماعيل قال: حدّثنا حمّاد قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: الذي أراد إبراهيم ذبحه هو إسحاق.
وأخبرني الحسن قال: حدّثنا طلحة بن محمد وعبيد الله بن أحمد قالا: حدّثنا أبو بكر بن مجاهد قال: حدّثنا عباس الدوري قال: حدّثنا أبو سلمة يعني المنقري قال: حدّثنا محمد بن ثابت العبدي عن موسى مولى أبي بكر الصديق عن سعيد بن جبير قال: لمّا أُري إبراهيم ذبح إسحاق في المنام سار به مسيرة شهر في غداة واحدة حتى أتى به المنحر بمنى، فلما صرف الله عنه الذبح وأمره أن يذبح الكبش فذبحه فسار به مسيرة شهر في روحة واحدة، طويت له الأودية والجبال.
وروى سفيان عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: قال موسى: «يا رب يقولون: إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، فبم قالوا ذلك؟» قال: «إن إبراهيم لم يعدل بي شيئًا قط إلاّ اختارني عليه، وإن إسحاق جاد لي بالذبح وهو بغير ذلك أجود، وإن يعقوب كلّما زدته بلاء زاد بي حسن ظنّ».
وروى حمزة الزيات عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة قال: قال يوسف: للملك: «ترغب أن تأكل معي أو تنكف وأنا والله يوسف بن يعقوب نبيّ الله ابن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله عليهم السلام».
وقال الآخرون: هو إسماعيل، وإلى هذا القول ذهب عبد الله بن عمر وأبو الطُفيل عامر ابن واثلة وسعيد بن المسيب والشعبي والحسن البصري ويوسف بن مهران ومجاهد والربيع بن أنس ومحمد بن كعب القرظي وهي رواية عطاء بن أبي رباح وأبي حمرة نصر بن عمران الضبعي ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال: المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق، وكذبت اليهود.
وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كلا القولين، ولو كان فيهما صحيح بالإجماع لم يعزه إلى غيره، وأمّا الرواية التي رويت عنه صلّى الله عليه وسلم أنّ الذبيح إسحاق ما أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا طلحة بن محمد وعبيد الله بن أحمد قالا: حدّثنا ابن مجاهد قال: حدّثنا موسى بن إسحاق قال: حدّثنا عبد الله بن أبي شنبه قال: أخبرنا الأشيب قال: حدّثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن عن الأحنف بن قيس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الذي أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق».
أخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا محمد بن علي بن لؤلؤ قال: أخبرنا الهيثم بن خلف قال: حدّثنا أحمد بن إبراهيم قال: حدّثنا حجاج عن ابن جريح قال: أخبرت عن صفوان بن سليم وزيد بن أسلم عن النبي عليه السلام أنه قال: «إنّ إسحاق الذي أراد إبراهيم أن يذبحه».
وأخبرنا أبو طاهر بن خزيمة في شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة فأقرأنيه قال: أخبرنا جدي قال: حدّثنا علي بن حجر قال: حدّثنا عمر بن حفص عن أبان عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يشفع إسحاق بعدي فيقول: يا رب صدّقت نبيّك وجدتُ بنفسي للذبح فلا تُدخل النار من لم يشرك بك شيئًا». قال: «فيقول تبارك وتعالى: وعزتي لا أُدخل النار من لا يُشرك بي شيئًا».
وأخبرني ابن فنجويه قال: حدّثنا محمد بن أحمد بن نصرويه قال: حدّثنا أبو حفص عمر بن محمد بن عيسى الجوهري قال: حدّثنا عيسى بن مساور الجوهري قال: حدّثنا الوليد بن مسلم قال: حدّثنا عبد الرَّحْمن بن زيد بن أسلم عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ الله عزَّ وجل خيّرني بين أن يغفر لنصف أُمّتي أو شفاعتي فاخترت شفاعتي ورجوت أن تكون أعم لأُمتي، ولولا الذي سبقني إليه العبد الصالح لتعجّلت منها دعوتي؛ إنَّ الله سبحانه لما فرّج عن إسحاق كرب الذبح قيل: يا إسحاق سل تُعط. فقال: أما والذي نفسي بيده لأُتعجّلنها قبل نزغة الشيطان، اللهم من مات لا يُشرك بك شيئًا فاغفر له وأدخله الجنة».
وأما ما رُوي عنه صلّى الله عليه وسلم أنّ الذبيح إسماعيل فروى عمر بن عبد الرَّحْمن، عن عبيد الله بن محمد العتبي من ولد عتبة بن أبي سفيان عن أبيه قال: حدّثني عبد الله بن سعيد عن الصنايجي قال: كنا عند معاوية بن أبي سفيان فذكروا الذبيح إسماعيل أو إسحاق، فقال: على الخبير سقطتم، كنت عند النبي صلّى الله عليه وسلم فجاء رجل فقال: يا رسول الله عُد عليّ مما أفاء الله عليك يابن الذبيحين فضحك رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فقيل له: يا أمير المؤمنين وما الذبيحان؟ فقال: إنّ عبد المطلب لما حفر بئر زمزم نذر لله عز وجل لئن سهل الله عز وجل له أمرها ليذبحنّ أحد ولده، قال: فخرج السهم على عبد الله، فمنعه أخواله وقالوا: افد ابنك بمئة من الإبل ففداه بمئة من الإبل والثاني إسماعيل عليه السلام.
فهذا ما ورد من الأخبار في هذا الباب، فأما حجة القائلين بإنه إسحاق من القرآن فهو أنّ الله سبحانه أخبر عن خليله إبراهيم عليه السلام حين فارق قومه مهاجرًا إلى الشام مع امرأته سارة وابن أخيه لوط وقال: {إِنِّي ذَاهِبٌ إلى رَبِّي سَيَهْدِينِ} إنه دعا فقال: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصالحين} وذلك أنه قبل أن يعرف هاجر، وقبل أن تصير له أُم إسماعيل.
ثم اتبع ذلك الخبر عن إجابته ودعوته وتبشيره أتاه بغلام حليم ثم عن رؤيا إبراهيم أن يذبح ذلك الغلام الذي بشر به حين بلغ معه السعي وليس في كتاب الله بشير لإبراهيم بولد ذكر إلاّ بإسحاق.
واحتج من قال: إنه إسماعيل من القرآن بما روى محمد بن إسحاق عن محمد بن كعب القرظي أنه كان يقول: إنّ الذي أمر الله سبحانه إبراهيم بذبحه من ابنيه إسماعيل، وإنا لنجد ذلك في كتاب الله سبحانه، وذلك أن الله عز وجل يقول حين فرغ من قصة المذبوح: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِّنَ الصالحين}.
وقال عز من قائل: {فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} [هود: 71] يقول: بابن وبابن ابن، فلم يكن يأمره بذبح إسحاق وله فيه من الله سبحانه وتعالى الموعود. فلما لم يذكر الله تعالى إسحاق إلاّ بعد انقضاء قصّة الذبح، ثم بشّره بولد إسحاق علمنا أنّ الذبيح إسماعيل.
قال القرظي: فذكرت ذلك لعمر بن عبد العزيز وهو خليفة، إذ كنت معه بالشام، فقال لي عمر: إنّ هذا الشيء ما كنت أنظر فيه، وإني لأراه كما قلت. ثم أرسل إلى رجل كان عنده بالشام، وكان يهوديًا فأسلم وحسن إسلامه، وكان يرى أنه من علماء اليهود، فسأله عمر بن عبد العزيز عن ذلك وأنا عنده فقال: أيُّ ابني إبراهيم أُمر بذبحه؟ فقال: إسماعيل. ثم قال: والله يا أمير المؤمنين إنّ اليهود لتعلم ذلك ولكنهم ليحسدونكم معشر العرب على أن يكون أنّ أباكم الذي كان من أمر الله سبحانه وتعالى فيه والفضل الذي ذكره الله سبحانه منه لصبره على ما أُمر به، فهم يجحدون ذلك ويزعمون أنه إسحاق؛ لأن إسحاق أبوهم.
واحتجوا أيضًا بأن قرني الكبش كانا منوطين بالكعبة في أيدي بني إسماعيل إلى أن احترق البيت واحترق القرنان في أيام ابن الزبير والحجاج، قال الشعبي: رأيتُ قرني الكبش منوطين بالكعبة، وكان القرنان ميراثًا لولد إسماعيل عن أبيهم، فلم يزاحمهم على ذلك ولد إسحاق وهم الروم، وكانوا أكبر وأعزّ وأمنع من العرب: وهذا أدل دليل على أن الذبيح إسماعيل.
وقال الأصمعي: سألت أبا عمرو بن العلاء عن الذبيح إسحاق كان أو إسماعيل؟ فقال لي: يا أصمع أين ذهب عنك عقلك؟ ومتى كان إسحاق عليه السلام بمكة؟ وإنما كان إسماعيل بمكة، وهو الذي بنى البيت مع أبيه إبراهيم عليهما السلام، كما قال الله سبحانه {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ القواعد مِنَ البيت وَإِسْمَاعِيلُ} [البقرة: 127]، والمنحر بمكة لا شكّ فيه.